خاص:
"أنا زرعت شجرة تفاح باسمي"،" أمي ساعدتني وزرعت لي فراولة"، " صار عندي زيتونة أسمها شجرة عمر"،    " احنا بنزرع علشان نوكل"، " الأشجار بتخلينا نعيش مثل رسوم الكرتون ونطير"، " لما أكبر بدي أزرع غابة"،" لما نشوف ناس بيرموا زبالة على الأرض بنحكيلهم حطوها في الحاوية"،" بطلنا نشتري شيبس ومرتديلا ونقانق"، " صرنا نوكل زعتر وبليلة ومجدرة في الروضة".  على هذا النحو انقلب حال لسان أطفال جمعية طوباس الخيرية، والتي -بدعم من مركز التعليم البيئي ووزارة الإعلام- طبق فيها مشروع خطة عمل لتكون روضة صديقة للبيئة، وتم فيها ايضاً اطلاق نادي الإعلامي الصغير نهاية العام الماضي.
ومنذ شباط وآذار الماضيين بدأ 128 طفلا من الصفوف التمهيدية، بإشراف خمس معلمات، في التفاعل مع قضايا بيئية، واستمعوا لتدريب عملي يناسب إدراكهم، وسرعان ما شرعوا في تدريبات عملية للحفاظ على نظافة البيئة، وتجنب قطف الأزهار، فيما حملوا رسالة شفهية إلى أولياء أمورهم لتبني مبادرة غرس شجرة أو زهرة باسم كل واحد منهم في حدائق منازلهم أو في أراضي عائلاتهم؛ ليتعلموا سبل الحفاظ عليها ولتشجيعهم لرعايتها في المستقبل.
روضة الأحلام الخضراء في طوباس


خيارات
واختار غالبية الصغار، أشجار الزيتون والجوافة وأزهار الورد الجوري وكروم العنب لتحمل أسماءهم، فيما تلقوا تدريبا على محاربة النفايات العشوائية، وأخذوا ينظفون ساحة روضتهم، ويضعون نفاياتها في الحاويات.
وتعالت أصوات زينة وسديل وياسمين وغسق وآدم وسائد وروعة وعبيدة وآدم وأوس وكيان وعمرو ونور والعشرات من الأطفال والزهرات، وهم يختارون الشجرة التي ستلتصق بأسمائهم، والأمكنة التي سيختارونها لغرسها.
ومنح الأطفال فرصة للتعبير عن الذات في قضايا البيئة في محاولة لبناء نواة لناد إعلامي يتولى مهمة تأسيس ثقافة التفاعل مع المواقف المختلفة، والابتعاد عن الخوف والخجل من إبداء الرأي، والطلاقة في الحديث، وهو ما تفتقده في الغالب شريحة الأطفال.
وتمعن الصغار والزهرات بصور ومشاهد بيئية تتحدث عن أزهار فلسطين، وطلب منهم التعليق عليها، ودونت عباراتهم حول سبل حمايتها، وطرق نقل رسائل الحفاظ عليها إلى الكبار. وبعد وقت قصير، شكلوا بأجسادهم مجسما لزهرة كبيرة، وكرروا الرسائل التي وصلتهم في أول "وجبة" تدريبية.

شراكة
وفتحت الجمعية نقاشاً مسهباً، أستعرض مراحل الخطة التي تشمل إطلاق الروضة والنادي، بمشاركة ممثلات عن الأهالي، وتنفيذ فعاليات مستدامة تتصل بعادات الغذاء الصحية، والممارسات البيئية اليومية، وغرس أشجار، ونباتات تحمل أسماء الصغار، والإعلان عن إجراءات تساهم في تغيير سلوك الأطفال وأسرهم على حد سواء، بجوار تطوير مهارات التعبير عن الذات للأطفال، ومساعدتهم في نقل فكرة روضتهم الخضراء، من خلال نشاطات نادي الإعلامي الصغير.
وتلقت المشاركات محاضرة اشتملت مفاهيم أساسية في البيئة ونظافتها، والتنوع الحيوي، ومخاطر النفايات، ومزايا تكثيف زراعة الأشجار، وأضرار الأغذية المصنعة، عدا عن مبادئ نادي الإعلامي الصغير، التي سيشارك الأهالي في تفعيله.
واستعرضت فردوس أبو عرة تجربتها في تعليم أطفالها الزراعة داخل حديقة المنزل، وأهمية تبني الروضة الصديقة للبيئة، وقدرتها في تغيير واقع الأطفال.
فيما نقلت نجاة دراغمة تجربتها في زراعة أشجار باسم أطفالها، والمكاسب التي يمكن أن تحققها الروضة، حينما يغرس أطفالها 128 شجرة، ويتحدثون عن ذلك لأقاربهم وجيرانهم، ما يعني تعميمها وزراعة المزيد منها.
حملة توعية بيئية في طوباس

تغيير
وقالت رئيسة الجمعية مها دراغمة، إن الروضة دمجت في خطتها إشراك الأهالي في دعم وتطوير مبادرة الروضة الصديقة للبيئة، وبدأت بالفعل في تغيير نمط الأغذية المقدمة للصغار، من خلال العودة إلى الأطباق التراثية والشعبية، والابتعاد عن الأغذية المُصنعة والتي تحتوي على مواد حافظة، ودعت عائلات الأطفال إلى غرس أشجار ونباتات في حديقة منزلهم باسم صغارهم، وتنفيذ حملات تنظيف دائمة في محيط البيوت والأحياء، عدا عن تزيين الروضة بنباتات مختلفة، ودمج البيئة في مناهج الروضة.
وأفاد المدير التنفيذي لـ"التعليم البيئي" سيمون عوض أن هذه الروضة، تتقاطع مع شارع كفر عبوش الصديق للبيئة، ومبادرات أخرى أطلقها المركز، ضمن فعاليات شهر البيئة في كانون أول الماضي؛ والذي هدف لنشر ثقافة خضراء في مجتمع تختفي البيئة من أولوياته وإعلامه.
وأشار منسق وزارة الإعلام في طوباس، عبد الباسط خلف، أن هدف النادي يتقاطع مع الروضة الخضراء، إذ يسعى إلى بناء قدرة التعبير عن الذات، ويطور مفاهيم الوعي البيئي، الذي ينُدر تداوله في وسائل الإعلام المحلية، لغير سبب، وينتقل إلى مراحل التطبيق العملي للثقافة الخضراء.
وذكرت رئيسة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في محافظة طوباس، المربية ليلي سعيد، أهمية نقل المفاهيم البيئية في سن مبكر، والمنافع التي ستعود على شرائح المجتمع المختلفة، بروضة تصادق البيئة، وتحرص على صحة الأطفال، وتنمي مهاراتهم الإبداعية، من خلال تطبيقات عملية خلاقة، ومناهج تعليمية تفاعلية.
أطفال روضة طوباس يزرعون الأشتال ويعتنون بالتربة

"لازم نزرع"
وستوزع إدارة الروضة بذوراً بلدية على الصغار، بالتعاون مع بنك البذور للإغاثة الزراعية، تشمل الفقوس والبطيخ والشمام والبامية واليقطين واللوبياء والفاصولياء، لزراعتها في حديقة الروضة وفي منازلهم، مثلما سبق وأن زرعوا الحمص.
وردد الأطفال عبارة:" لازم نزرع" طويلاً، قبل أن تتشابك أيديهم في تمرين يشكل كرة تشبه كوكب الأرض، يحمل دعوة لحماية الكوكب، وفق المفاهيم الخضراء التي  يمكن للصغار استيعابها وتطبيقها.
وقال علي وسارة ومحمود وعبد الله وعمران وآية، إنهم سيأكلون التفاح من أشجارهم مجاناً، بدل الشيبس، الذي يدفعون ثمنه، وتطير أكياسه في الشارع وتصبح نفايات، قبل أن "يأكل أسنانهم البيضاء"!.

A || + .Copyright © 2013. All Rights Reserved || Developed By AMRA-IT